السبت، 30 يناير 2016

شارع دبي بالعلمة.. هنا إمبراطورية التجارة

يعتبر قطبا اقتصاديا كبيرا ويقصده الجميع من كل حدب وصوب

شارع دبي بالعلمة.. هنا إمبراطورية التجارة




عرفت مدينة العلمة منذ أمد بعيد بأنها مدينة تجارية بامتياز، وتجلى هذا في مختلف أنواع التجارة التي مارسها سكان المدينة عبر مرّ السنين، وهو ما أدى لانتشار مقولة مفادها أن أهل العلمة خلقوا للتجارة، وهو ما جعل المدينة ككل تتحول في ظرف زمني قصير إلى قطب وصرح تجاري يقصده الصغير قبل الكبير من كل حدب وصوب للتسوق، خاصة وأن كل ما يخطر على بال الإنسان تجده في مدينة المال والأعمال، خاصة بعد ظهور  شارع دبي  الذي تحول إلى إمبراطورية التجارة وذاع صيته، وأصبح رمزا من رموز المدينة ويعتبر بطاقة تعريف أكبر دائرة بالوطن.
شارع دبي تعود حكايته حسب مصادر محلية تحدثت معهم  المحور ، إلى بداية التسعينيات عندما قررت شركة خاصة بناء سكنات فخمة على شكل فيلات من طابقين، ومحلات سفلية على واجهة الطريق المؤدي إلى مدينة سطيف، إذ حولها تجار المدينة لمنطقة تجارية بدأت قصتها بخمسة محلات مختصة ببيع الأجهزة الكهرومنزلية المستوردة والمحلية، بعدها بدأت الناس تتحدث عن هذه المحلات التجارية ليقرر بعدها معظم التجار شراء وكراء محلات هذه المنطقة، إذ مع مر السنين عرفت المنطقة باسم  الشارع  تناميا مذهلا في عدد المحلات، التي يقدر عددها حاليا بأكثر من 450 محل تجاري مختص في بيع كل الأشياء، من ملابس، أواني، خرداوات، أثاث وحتى الأمور الممنوعة كالقنابل المسيلة للدموع والخناجر وأشياء أخرى لا يسع المقام لذكرها، وهو ما جعل شارع دبي يعتبر الرئة التي تتنفس منها المدينة وبفضل التجارة الموجودة فيه وجد العديد من البطالين فرص للعمل، إذ يقدر دخل صاحب عربة صغيرة لنقل البضائع بـ3000 دج يوميا، ويقدر حاليا سعر كراء المحل الواحد بأكثر من 17 مليون شهريا والإتفاق يكون لمدة سنتين والدفع  كاش .
قارة  آسيا  القبلة الأولى للتجار ومنها كانت الانطلاقة

وكانت الوجهة الأولى للتجار قارة آسيا أين كثر التعامل مع الصينيين والكوريين، وهو ما جعل تجار المدينة من أوائل المشاركين في معرض  قرا نزو  الصيني، الذي يستقطب كبار التجار العالميين، وفي المدة الأخيرة غير التجار قبلتهم نحو القارة العجوز  أوروبا ، بعد أن لاحظ التجار أن السلع المستوردة من الصين تظل مكدسة بالميناء وتفرض عليها إجراءات بيروقراطية كبيرة، وسمحت هذه القفزة النوعية في التعامل مع الدول في ولوج ثقافة المنتوج الأصلي والمقلد، الذي يتم صناعته بالصين بعد أخذ المنتوج الأصلي لتقليده ويباع بثمن رخيص.
وبعد أن تحصل إتحاد التجار على الترخيص الرسمي من قبل السلطات لممارسة نشاطهم بكل حرية تم تنظيم السوق من كل النواحي، إذ أصبحت المحلات منظمة في بيع السلع ولكل شارع إختصاص محدود في بيع السلع كالأجهزة الكهرومنزلية أو الأثاث، على عكس بداياته الأولى أين كانت الفوضى هي السمة الغالبة في تداول وبيع السلع.
وبعد أن غزى التجار الحي التجاري أصبح التنافس هو السمة البارزة في التعامل بين التجار، خاصة بعد ظهور الثورات العربية، أين أصبحت السيارات والحافلات التونسية والليبية التي تقصده يوميا أكثر من السيارات الجزائرية، إذ يلجأ كبار التجار  لكسر السوق  وهو ما أثر على التجار الصغار الذين لم يستطيعوا الصمود أمام عمالقة التجارة الذين يملكون مكاتب وفروع عبر كافة مناطق العالم بما فيها منطقة الحميز بالعاصمة، التي أصبح تجارها معروفين بأنهم من  ناس العلمة .
هذا هو سرّ تسمية الحي بـ شارع دبي 

ويرجع سر تسمية المنطقة بهذا الاسم إلى إمارة دبي، بعدما قصد التجار الإمارات العربية المتحدة في بداية نشاطهم التجاري لاستيراد مختلف السلع، أين قاموا بإقامة علاقات ودية مع أصحاب  العمائم  لتتحول إمارة دبي لمعبر لإدخال السلع من مختلف مناطق العالم للجزائر، بعد أن فتح معظم التجار مكاتب عبور هناك وأصبحوا يدخلون مختلف السلع خاصة الصينية لأرض الوطن وبأسعار معقولة فاقت كل التوقعات، وهو ما خدم المواطن البسيط على الرغم من النوعية الردئية التي تمتاز بها خاصة في الملابس، وتقدر الضرائب التي يدفعها التجار سنويا لمديرية الضرائب أكثر من 850 مليار سنتيم، فهو يشكل لوحده 37 بالمئة من مداخيل ولاية سطيف، وأكثر من 80 بالمئة من مداخيل مدينة العلمة.
ويلاحظ الزائر أو المتجول بشوارع وطرقات شارع دبي أن كل أنواع السلع متوفرة وبالسعر المناسب سواء بالجملة أو التجزئة، وتعرف طرقات الحي يوميا إزدحاما شديدا لحد الإختناق وهو ما جعل السلطات المحلية للمدينة تفكر في إنشاء نفق أرضي حتى يتم فك الخناق على الطريق الوحيد المؤدي للشارع، الذي أصبح يعتبر منطقة مستقلة بذاتها نظرا للعدد الكبير من المطاعم، المقاهي والفنادق الموجودة فيه وهو ما يجعل الزائر له لا يغادره لعدة أيام، ويقضي حوائجه بكل راحة من دون أن يكلف نفسه مشقة التنقل لوسط المدينة.
أما في الفترة الليلية  للشارع  فتبدأ الحركة فيه في حدود الحادية عشر ليلا وهو الوقت المعروف بدخول الحاويات للمدينة، أين يترصدها الشباب البطال لتفريغها مقابل مبلغ مالي يقدر بـ 9000 دينار للشاب الواحد، وهو ما جعل شباب المدينة يفضلون هذا العمل الليلي الذي يدر عليهم مبلغا ماليا أفضل من العمل في أي مكان آخر.
ومع سطوع شمس اليوم الموالي ترجع الحركة العادية للزوار والمتجولين بالشارع لعادتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق